اللقب الأوّل في علوم الحاسوب: المسار المباشر للاندماج في صناعة الهاي-تك

البروفسور ليونيد برينبويم، الذي بدأ طريقَه طالبًا في علوم الحاسوب في الجامعة المفتوحة، يشرح عن البرنامج التعليميّ الذي يُتيحُ لكم ولكنّ التقدّم حسب الوتيرة الشخصيَّة

عندما نسأل البروفسور ليونيد برينبويم ، رئيس برنامج اللقب الأوّل في علوم الحاسوب  في الجامعة المفتوحة، إلى أيّ مدى يمكن أن نصل مع اللقب الذي يقوم بتركيزه والإشراف عليه، فيمكنه أن يكشف عن قصص نجاحٍ لا حصرَ لها: فهناك الخرّيجون الذين التحقوا بصناعة الهاي-تك في مجال هندسة البرمجيّات، والمبادرون في مجال الهاي-تك الذين كانوا روّادًا في البلاد وفي الخارج، وكذلك الذين التحقوا بالاستكمال في إدارة الأعمال واندمجوا في مجال الإدارة في العديد من الشركات العالميَّة.     

لكن في الحقيقة لا يحتاج البروفسور برينبويم إلى الذهاب بعيدًا جدًّا كي يبرهن على إمكانيّات التقدّم التي ينطوي عليها هذا اللقب. فهو نفسه، قبل مرحلة ما بعد الدكتوراه في جامعة بيركلي وفي معهد فايتسمان والألقاب المتقدّمة في جامعة بن غوريون، بدأ مشواره التعليميّ في دراسات اللقب الأول في علوم الحاسوب في الجامعة المفتوحة.

يقول البروفسور برينبويم: "بطبيعة الحال إذا ما قارنتُ بين البرنامج التعليميّ في الوقت الحالي، وبين ما كانت عليه الأمور عندما كنتُ طالبًا في مرحلة اللقب الأوّل، فقد تغيّرت أشياء كثيرة". ويمضي قائلًا: "ولكن من جهة أخرى، في كلّ ما يتعلّق بالدراسات النواة الأساسيّة- فهناك قاعدة واسعة بقيت على مدار السنوات. ففي حين طرأت ابتكارات هامّة في مجال الحوسبة، بقيت الرياضيّات رياضيّات، وهذا بالطبع ليس من المتوقّع أن يتغيّر. أمّا ما تغيّر، حتّى في المجال الرياضيّ، فهي الطريقة التي يدرّسون بها الموضوع. طريقة التدريس في الجامعة المفتوحة يتمّ تحديثها باستمرار، وبالذات في المجالات ذات الصلة بعلوم الحاسوب، والتي يهمّنا فيها دمج أحدث تقنيّات التعلّم التي تتيح لنا تحديث طرق الوصول إلى مواضيع المعرفة هذه."  

السايبر، الذكاء الاصطناعي والبيانات: التغيير أصبح هنا

يشغل البروفيسور برينبويم منصب عضو بارز في هيئة التدريس في الجامعة المفتوحة، وفي إطار برنامج اللقب الأوّل في علوم الحاسوب فهو مركِّز مسار السايبر- وهو المسار الذي لم يكن موجودًا حينما بدأ دراسته الأكاديميّة آنذاك. 

"هذا في الحقيقة مثال جيّد على ديناميّة المادّة التعليميَّة في مجال علوم الحاسوب"، يقول البروفيسور برينبويم، "أضحت مواضيع أمن السايبر وتقنيّات الحماية في السنوات الأخيرة مركزيّة بشكل خاصٍّ. ولذلك، أنشأنا مسارًا يسمح للطلّاب التخصّص في هذا المجال."

 وهو يؤكّد على أنّ الأمر يتعلّق بمجال واحد من مجالات عديدة أضيفت إلى البرنامج التعليميّ، لغرض ملاءمته للاحتياجات المتغيّرة للعالَم الرقميّ. والأمثلة على ذلك لا حصر لها: "كلّ مجال علوم البيانات تطوّر جدًّا في السنوات الأخيرة وكما ينبغي، كما أنّ البرنامج التعليميّ يتيح التركيز على مواضيع مثل، تحليل البيانات. نحن نسلّط الضوء على مواضيع مثل، تعلّم الآلة والذكاء الاصطناعيّ، لأنّ العالم يتّجه إلى هناك."  

يتعلّق الأمر بمواضيعَ تؤثّر أيضًا في أولئك الذين لا ينتمون إلى مجال علوم الحاسوب.

"بالتأكيد. نرى ذلك يندمج في حياتنا في الكثير من المجالات اليوميّة- ويكفي أن نذكر موضوع السياقة التلقائيّة، الذي أصبح أحد المجالات الرئيسيّة الذين من المحتمل أن يؤثّر في كيفيّة تصرّفنا وتسييرنا لأمورنا. تتمثّل وظيفة اللقب الأكاديميّ في تهيئة الخرّيجين للاندماج المهنيّ في عالم يتزايد فيه الطلب على الموظّفين بشكل ملحوظ."

"يوفّر للطلّاب الأدوات التي تمكّنهم من الانخراط في مجال الصناعة"

يوفّر برنامج اللقب الأوّل في علوم الحاسوب إطارًا أكاديميًّا، الذي يُكسب الطلّاب القاعدة النظريَّة للاندماج في العالَم الرقميّ. بالإضافة إلى ذلك، فإنّ البرنامج يؤهّلهم في مواضيعَ محدّدة أيضًا- سواء في المسارات التي توفّر الاستجابة للاحتياجات المتغيّرة لسوق العمل، وكذلك في التعمّق في لغات البرمجة المحدّدة التي سيستخدمها الطلّاب في حياتهم المهنيّة. 

يؤكّد البروفسور برينبويم على أنّه "عندما نتحدّث عن التغيّرات، يمكن أن نتحدّث، على سبيل المثال، عن لغة البرمجة الشائعة التي يتمّ تحديثها واستبدالها". "لنفترض اليوم أنّ إحدى اللغات الأكثر شيوعًا هي بايثون، فحينذاك سنركّز عليها- لكن الفكرة المركزيّة تتمثّل في أن نوفّر لخرّيجينا الأدوات التي تمكّنهم من الاندماج في هذا العالَم حتّى لو حلّت لغة أخرى مكان بايثون." 

يؤكّد البروفسور برينبويم في هذا السياق على أنّ الأمر يتعلّق بمثال واحد من أمثلة عديدة من مجالات الدراسة العمليّة التي يتمّ تعلّمها بشكل مكثّف خلال دراسة اللقب الأكاديميّ: "نحن نشمل مركّبات عمليّة في البرنامج التعليميّ من منطلق إدراكنا أنّه يُفترض في اللقب أن يوفّر نقطة انطلاق لكلّ مَن يبحث عن طريقة للاندماج في الصناعة. علاوة على دراسة لغات البرمجة فنحن نتيح تعلّم مساقات وورش في مواضيع مثل، تكنولوجيا شبكة الحاسوب، تكنولوجيا الحوسبة السحابيّة، تطوير برمجيات أندرويد، علوم البيانات، التأمين، الأجهزة الموزّعة- تشكيلة واسعة من المواضيع التي تتناول العمل اليوميّ لمَن يرغب في العمل في المجال." 

نظرًا لأنّ الاندماج في صناعة الهاي-تك هو هدف مشترك تقريبًا لجميع الطلّاب الذين يُقبلون على دراسة اللقب الأول في علوم الحاسوب، فإنّ مسار التعلّم يوفّر سلّة أدوات تساعدهم في القيام بذلك على أكمل صورة. هكذا على سبيل المثال، ومن جملة أمور أخرى، يتيح مسار التعليم ورشًا عبر التعاون مع ممثّلي الصناعة، يواجه خلالها الطلّاب تحدّيات العالَم الحقيقيّ التي يتعيّن عليهم توفير الحلول لها.

"بإمكان الطلّاب أن يحصلوا أثناء فترة الدراسة على التجربة العمليّة التي توضّح لهم ماهيّة العمل"، يضيف البروفيسور برينبويم، "هذا هامّ للسماح لهم بالتعرّف على طبيعة العمل في الصناعة، وتلقّي الإرشاد من موظّفي الهاي-تك أصحاب الخبرة، واكتساب الخبرة حتّى قبل أن ينهوا دراسة اللقب الأكاديمي."

الدراسة- والعمل في الهاي-تك في الوقت نفسه

ومن نتائج هذا التوجّه المتكامل فإنّ العديد من الطلبة الذين يدرسون لنيل اللقب الأوّل في علوم الحاسوب يبدؤون العمل في صناعة الهاي-تك بالفعل خلال دراسة اللقب الأوّل. وفي هذا السياق، فإنّ للمبنى التعليميّ الخاصّ في الجامعة المفتوحة مساهمة حاسمة، بفضل تمكّن الطلّاب من وضع برنامج ساعات متدرّج لأنفسهم ودراسة عدد متفاوت من المساقات في كلّ فصل دراسيّ، بناءً على وقت الفراغ والطريقة التي يتعاملون بها مع التحدّي الأكاديميّ. 

"قسم كبير من طلّابنا يبدؤون العمل في هذا المجال خلال الدراسة بالفعل"، يقول البروفسور برينبويم، "يتضّح من المعطيات التي أتلقّاها أن ثمّة طلبًا كبيرًا جدًّا على الطلّاب والخرّيجين في مجالات علوم الحاسوب، وبما أنّ الرواتب عادة في مجال الهاي-تك جيّدة جدًّا، فهذا الأمر هامّ لمَن يستطيع الدخول في هذا المجال في مرحلة مبكّرة فعلًا."

  أحد الأسباب المحتملة للطلب الكبير على طلّاب وخرّيجي الجامعة المفتوحة هو القيَم التي توجّه الدراسة- الانضباط الذاتيّ، والطموح الشخصيّ والاستقلاليّة التي يتمّ التعبير عنها بالفعل في اختيار المسار الأكاديميّ- وهي القيَم التي تميّز بدرجة كبيرة المطالب التي يبحث عنها رؤساء الصناعة في أوساط موظّفيهم.

"تكمن الأفضليّة الأخرى في دراسات علوم الحاسوب في الإمكانيّة المتاحة أمام الدارسين حيث يمكنهم أن يدمجوا خلال دراستهم اللقب مساقات من مجالات أخرى ذات صلة وثيقة مثل، الاقتصاد، الإدارة والتسويق، الأمر الذي يسهم في الاندماج في الصناعة"، يضيف البروفسور برينبويم. 

أنتَ تتحدّث عن الطلب الكبير على الطلّاب من الجامعة المفتوحة في عالَم الهاي-تك، وأنّ الكثيرين منهم يندمجون في هذه الصناعة حتّى قبل إنهائهم دراسة اللقب، على الرغم من أنّها المؤسّسة الوحيدة في البلاد التي ليس فيها شروط قبول لدراسات علوم الحاسوب.

"إنّ عدم وجود شروط قبول هي ميزة تمتاز بها جميع دراسات اللقب الأوّل في الجامعة المفتوحة. تعتبر دراسة علوم الحاسوب مسألة مثيرة للتحدّي، ولكنّنا نوفّر إمكانيّة الاندماج في الدراسة حتّى لأولئك الذين يأتون إلينا دون خلفيّة في المجال، وذلك من خلال المساقات الملائمة. بالإضافة إلى ذلك، الذين ينقصهم الأساس الرياضيّ لديهم إمكانيّة لدراسة مساق الرياضيّات ما قبل الأكاديميّة. علاوة على ذلك، بالإمكان دراسة مساق نافذة على الرياضيّات، الذي يسهم في تطوير التفكير الرياضيّ. هذا ينطبق أيضًا على من يأتون إلينا بعد مرور فترة طويلة على إنهائهم للمرحلة الثانويّة ويرغبون في تحديث مهاراتهم الرياضيّة، أو لأبناء الشبيبة الذين يلتحقون بالبرنامج التعليميّ قبل أن ينهوا امتحانات البجروت. عدا عن ذلك، بإمكان الذين يشعرون بأنّ الدراسة تشكّل تحدّيًّا بالنسبة لهم البدء بتعلّم مساق واحد فقط في الفصل الدراسيّ والاندماج في التعليم تدريجيًّا. زد على ذلك، فإنّ مساق مثل، مقدّمة لعلوم الحاسوب، وهو مساق مكثّف جدًّا، يمكن التخطيط لدراسته على مدار فصلين دراسيّين."

إذا كنّا بصدد تناول طرق تخفيف ضغط وعبء التعليم، تعالوا نفكّر في الجانب الآخر: الطلّاب الذين يرغبون في دراسة هندسة البرمجيّات. هل هذا يعتبر تحدّيًّا أكبر؟

 "نحن نتحدّث عن دراسة ذات حجم أكبر بنحو الثلث من حجم دراسة علوم الحاسوب. أي، يُضاف إلى المسار العاديّ لعلوم الحاسوب تخصّص آخر في الدراسات المتعلّقة بتصميم البرمجيّات، وصيانتها وتطويرها. بالإضافة إلى ذلك، هناك مشروع ختاميّ في نهاية اللقب في الهندسة. في الواقع، يمكن اعتبار حجم اللقب الأوّل في علوم الحاسوب مساويًا للقب أكاديميّ مدّته ثلاث سنوات في جامعات أخرى، بينما اللقب في هندسة البرمجيّات مساوٍ للقب مدّته أربع سنوات هندسة- في حين بالإمكان إكمال دراسة هذه الألقاب بوتيرة مختلفة في الجامعة المفتوحة، وذلك حسب الوتيرة الشخصيّة والقدرات الأكاديميّة لدى الطلّاب."